رؤية نقدية عن رواية” الإعتقاد “

107687119 1172380059821845 2536793397791172567 n 1

بقلم/حنان حسن

اليهود والإعتقاد ما بين الإنحياز و الحيادية و الدلالات الرمزية للنص

” لقد عُدنا إلى هذه الأرض لنفرض دولتنا بكل ما إمتلكنا من وسائل القوة متجاهلين الميراث التاريخى لسكان أخرين كانت لهم حياة مستقرة عليها حينما أيقنّا أن صرخة “موسى” النبى حينما قال : دعوا شعبى يدخل تلك الأرض التى أعطاها الرب له لم تكن موجهة إلى أناس أخرين غيرنا . ” هكذا تحدث “أهود دوفيسكى” إلى أسرته عندما وضع قدميه لأول مرة على تلك الأرض وهكذا أيضا يفاجئنا الروائى “أحمد أمين” فى روايته الجديدة “الإعتقاد” بإتباعه لإسلوب خاص يعرض من خلاله حيثيات ذلك الصراع الذى دام لعقود طويلة من الزمن على الرغم أنه فى روايات سابقة له لم يسلك ذلك النهج فى تعامله مع تلك القضية تحديدا . إن التواجد الإضطرارى الذى فرضه الأمر الواقع يتمثل فى الرواية من خلال ذلك المنزل الذى بناه “أهود” منذ قدومه إلى أرض فلسطين و الذى يرمز إلى الدول الجديدة التى يعيش فيها الأن شخوص الرواية مجتمعين . إبنته “ليليان” و حفيدتها “أورينا ” هى و زوجها الفلسطينى “يزيد” و إبنيهما الرضيع ” قاسيم ” . تتحدث الرواية عن “ليليان” العجوز التى بلغت من العمر أرذله و التى مازالت مصرة على أن تبقى غرفة والدها بالمنزل كما كانت عليه أيام حياته ، رغم أنها و أولادها قد بدلوا الأثاث القديم مرات و مرات هذه الغرفة ظلت كما هى ، كل ما فعلته من بعد وفاته أنها علقت على إحدى جدران الغرفة صورة كبيرة له يظهر فيها الرجل الراحل بشاربه الكبير و هو يرتدى سترته السوداء التى كان يعتز بها . من خلال ما تقدم ذكره يتضح للقارئ أن شخصية “ليليان” هى إمتداد لأفكار و قناعات والدها و التى وصفته باليهودى المتجمد تلك القناعات التى عفا عنها الزمن و التى تتصادم الأن مع أفكار و قناعات جيل جديد لديه الإستعداد لتقبل الأخر و التعايش معه تمثله فى الرواية الحفيدة “أورينا” التى تزوجت من شاب عربى يدعى “يزيد” ، ذلك الإرتباط الذى كان نتاجه طفل أطلق عليه والداه أسم “قاسيم” إن القارئ الجيد للرواية سيستشف أن العلاقة التى ربطت بين الزوجين هى عنوان لمرحلة التطبيع ما بعد الحرب و الذى كان نتاجة تقسيم مناطق النفوذ بين الجبهتين الرواية التى صدرت فى العام 2019 و التى إحتلت تلك القصة جزء كبير من أحداثها تتحدث عن وقوع أمور سيظنها جميع شخوصها مرتبطة بهلاك العالم و فناء الحياة عليه تلك الأحداث التى أجبرت الثلاثة على المواجهة من خلال حوار طويل فيما بينهم أظهر ذلك الصراع المشتعل بداخل “يزيد” ما بين قبول ما فعله و رفضه له و بين موقف “ليليان” المعادية للعلاقة منذ بدايتها و المتبنية للموقف ذاته الذى تبنته والدة “يزيد ” و أوضح رؤية “أورينا ” التى سعت بكل ما تملكه لإنجاح تلك التجربة .