“الأسلوب الإبداعي Mind Map للتَعَلُم السريع و التذكر بسهولة “

WhatsApp Image 2020 07 10 at 10.44.51 PM

بقلم :عصمــــت مصباح يوسف خورشيد
( مدرس مساعد – قسم رياض الأطفال- كلية التربية -جامعة طنطا/دولة :مصر)
في زمن ” الكورونا ” و مع تزايد الضغوط النفسية و الفكرية لطلاب الجامعات خاصَةً في الفرق النهائية المُطَالَبُون فيها بأداء امتحاناتهم بحضور واقعي لهم داخل اللجان بالكليات المختلفة ، تذكرت نفسي كثيرًا و أنا طالبة في الأربع سنوات السابقة لمرحلة الدراسات العُلْيَا و كانت بدون ” الكورونا” ، و لكن كنت أحيانًا أَمُرُّ بفترات صعبة و أيامًا محدودة قبل إجراء الامتحانات النهائية و التي تتطلب مِنِّي فَهْم و حِفْظ للمواد الدراسية و كان أغلبها في أُطُرٍ نظرية ؛ لذلك كنت أَميل لتلخيص تلك المواد ولكن واجهتني صعوبة بين رغبتي في قراءة التفاصيل بدقة و قدرتي على تذكرها ؛ فبدأت أسجل ما أفهمه في جمل بسيطة أعلى الصفحة و أسفلها ، يمينها و يسارها بألوان مختلفة و وضع خطوط تحت بعض الكلمات المُهِمَة لتحديدها ؛فإذا فتحت الصفحات كان يلفت انتباهي أولًا ما سجلته بنفسي و بِخَط يدي !
و لكن كان الوقت يضيق بي أحيانًا فتسقط بعض الأفكار أو أنسى بعضها الآخر ، لكن ما السبب في ذلك ، فبرغم استخدام طريقة تدوين الأفكار المفهومة من النص بشكل رقمي أو بجانب بعضها البعض داخل أو خارج الكتاب ؟!
إِنَّ السبب وراء ذلك هو أنَّ هذه الطريقة في جمع الأفكار و التلخيص كانت طريقة تقليدية لا تتوافق بشكلٍ كامل مع وظائف المُخْ في التفكير و الفَهْم و الإبداع ؛ فالمعروف أَنَّ القشرة الدماغية للنصفين الأيمن و الأيسر تتفاعل مع معظم الوظائف الثقافية و لكن لكي تكون النتيجة مضمونة لا بد من الأخذ في الاعتبار للتكامل بين وظائف النصفين معًا للوصول للنجاح و التفوق .
فالنصف الأيسر للمُخِ يتعامل مع الكلمات ، الأرقام ، التحليل ، العَلاقات الخطية و الاستماع . أَمَّا النصف الأيمن فهو يتعامل مع الإيقاع ، الألوان ، الأحلام ، التخيلات ، العلاقات المكانية و الأبعاد .
و قد أثبتت الدراسات أَنَّ النصف الأيسر هو المسئول عن الجانب الأكاديمي ، و النصف الأيمن هو المسئول عن الجانب الإبداعي و العاطفي ، و تشير كثيرٌ من البحوث إلى أَنَّ النجاح في الدراسة و المذاكرة يتطلب الجمع و التكامل بين النصفين ؛ فجميع العلماء مثل :” اينشتاين” ، ” نيوتن” و الفنانين مثل : ” سيزان ” ، ” ” موتسارت” جميعهم يجمعون بين مهاراتهم التحليلية مع التخيل و التصور للوصول لنتائج أكثر إبداعًا و ابتكارًا .
أظنكم الآن أعزائي الطلاب وصلتم معي إلى ما يفتقده المُخْ أثناء مذاكرتكم بالطريقة التقليدية ألا و هو : ( الافتقاد إلى اللون ، الإيقاع البصري ، التخيل ،و الإحساس بالعلاقات المكانية ) ؛ و بذلك يتم تعطيل إمكانيات التفكير العقلي و تتوقف العمليات الذهنية ؛ مما يعوق عملية التذكر لمعلوماتكم مستقبلًا .
بناءً على جميع ما ذُكِرَ آنفًا فإنَّ الطريقة المُثْلَى لكم في المذاكرة بكل سهولة و بساطة هي الخريطة الذهنية
” Map Mind” ؛ فليكن شعاركم هو أَنْ :” أرتب أفكاري ثم أكتبها Organize your thoughts before writing” ؛ فالخريطة الذهنية توفر لكم كثيرًا من الوقت و الجهد ، و تطبيقها يؤدي إلى تَحَسُّن كبير في ذاكرة كل شخص ، فهي تجعلك مُفَكِرًا و ليس مجرد ناقلًا !

يرجع الفضل في تقديم الخريطة الذهنية “Mind Map” إلى مخترعها ” توني بوزان Tony Buzan ” الذي تم تصنيفه ضمن أفضل خمسة محاضرين على مستوى العالم بأكمله ، و يبلغ عدد كتبه مايفوق (150) كتابًا ؛ فقد أتاح الطريق للتفكير المرئي ” Visual Thinking ” من خلال طريقة العرض المرئية للأفكار ” Visual Representation of an Idea” بحيث تعمل هذه الخريطة على بناء الأفكار و الربط بينها بشكل مُرَتَّب ، و قابل للتذكر بسهولة .
أحبائي الطلاب أنصحكم بشدة بتطبيق نظام ” الخرائط الذهنية ” عند البحث و المذاكرة ؛ فهي وسيلة سهلة الإنشاء .
الخُطْوَة الأولى: أحضروا الآن مَعِي ورقة بيضاء فارغة تمامًا و أقلامًا مُلَوَّنة بجانب الكتاب أو المادة الدراسية .
الخُطْوَة الثانية : في وَسْط الصفحة عليكم برسم دائرة و بداخلها كلمة مُعَبِرة عَمَّا تريدون تلخيصة سواء أكان عنوانًا لكتاب أم فصلا داخل الكتاب أو التعبير عنها بصورة بدلًا من الكلمة ، فعلى سبيل المثال إذا تحدثت عن أدب الطفل أقوم بلصق صورة تضم ( قصة و مسرح و إيقاعات الأغاني و الأناشيد) ، و إذا كنت أتحدث عن مادة الكيمياء يمكن وضع صورة ( معمل و مواد كيميائية ) و هكذا فالصورة تعبر عن ألف كلمة .
الخُطْوَة الثالثة : بعد وضع العنوان سواء أكان كلمة أم صورة في وَسْط الصفحة ، عليكم الآن برسم أضلاع منحنية سميكة و يفضل أن تكون متساوية لنكتب عليها في دوائر بداخلها كلمات لأفكار رئيسة تتفرع من العُنْوَان الذي وَضِعَ بوَسْط الصفحة و تُكْتَب بخطٍ كبير و واضح .
لكن هُنَا السؤال : لماذا لا تتم الفروع بشكل مستقيم و إنما تكون منحنية ؟ بكل بساطة يجيب علينا ” توني بوزان “: بأنَّ الفروع المنحنية للأضلاع تجذب الدماغ بشكل أكثر ، و هذه الفروع في علم النفس تُسَمَّى :(تنظيم الأفكار الأساسية)” .
الخُطْوَة الرابعة : هي رسم العديد من الفروع النابعة من كل فرع لفكرة رئيسة ؛ لكتابة الأفكار الفرعية و يُفَضَل أن تكون بخطوط رفعية مُقَارَنَةً بالخط السميك للأفكار الرئيسة .
إنها حَقًا عملية تفكير لا نهائية ؛ فتستطيعون إضافة المزيد و الكثير من الفروع لكل فرع رئيسي مع ضرورة الأخذ في الاعتبار بضرورة استخدام الألوان المختلفة مع كل فكرة رئيسة و لكل فرع خاص بالفكرة النابعة من العنوان بوَسْط الصفحة ؛ فالألوان ليست فقط للصغار ! و لكنها طريقكم لتحديد الفكرة (Called Idea) ، و التمييز (Discriminating) ، و الترتيب (Order ) ، كما أنصحكم باستخدام بعض الصور المُمَيِزة للأفكار الفرعية ؛ ستكون مؤثرة جدًا في تحفيز عمليتي الفَهْم و التذكر .
و بالاستخدام الأمثل كما سبق ذكره للخرائط الذهنية تستطيعون القراءة و المراجعة السريعة ؛ فالقراءة السريعة يتم حسابها من خلال قسمة عدد الكلمات / الزمن المستغرق ، و المراجعة النهائية للمواد التعليمية داخل هذه الخرائط المرئية الذهنية البسيطة توفر الوقت و الجهد في استدعاء المعلومات و تذكرها .
و بذلك نتمكنون من إنتاج أفكارٍ جيدة بالاستخدام الجيد للخرائط الذهنية ، كما إِنَّهُ يُمْكِن استخدامها في تنظيم المهام و استعراضها لزيادة الانتاجية (Productivity ) ، الإبداع (Creativity ) ، الفهم ( Comprehensive ) ، و التذكر ( Memory ) ؛ لأنها تساعد في الاستفادة القُصْوَى مِنْ قُدُرَات المُخ بالجمع بين كلا الفَصّين الأيمن و الأيسر.
فالخريطة الذهنية ” Mind Map ” إذن هي أداة الفهم السحرية .