بقلم / أحمد الطحاوي
قدم الأمير بيغرا من دمشق بعد أن لقي يلبغا اليحياوي نائب الشام، وقد برز إلى ظاهر دمشق يريد السير إلى مصر بالعساكر لقتال الملك الكامل شعبان فلما بلغه ما وقع سر اليحياوي سروراً عظيماً زائداً بزوال دولة الملك الكامل وإقامة أخيه المظفر حاجي في الملك وعاد يلبغا إلى دمشق وحلف للملك المظفر وحلف الأمراء على العادة وأقام له الخطبة بدمشق وضرب السكة باسمه وسير إلى السلطان دنانير ودراهم منها وكتب يهنئ السلطان بجلوسه على تخت الملك وشكا الأمير يلبغا اليحياوي من نائب حلب ونائب غزة ونائب قلعة دمشق مغلطاي المرتيني ومن نائب قلعة صفد قرمجي من أجل أنهم لم يوافقوه على خروجه عن طاعة الملك الكامل شعبان فرسم السلطان بعزل الأمير طقتمر الأحمدي نائب حلب وقدومه إلى مصر وكتب بآستقرار الأمير بيدمر البدري نائب طرابلس عوضه في نيابة حلب واستقر الأمير أسندمر العمري نائب حماة في نيابة طرابلس وهذا أول نائب آنتقل من حماة إلى طرابلس وكانت قديماً حماة أكبر من طرابلس فلما اتسع أعمالها صارت أكبر من حماة. ثم كتب السلطان بالقبض على الأمير مغلطاي المرتيني نائب قلعة دمشق وعلى قرمجي نائب قلعة صفد ثم كتب بعزل نائب غزة. وكان الأمير يلبغا اليحياوي لما عاد إلى دمشق بغير قتال عمر موضع كانت خيمته عند مسجد القدم قبة سماها قبة النصر التي تعرف الآن بقبة يلبغا. ثم خلع السلطان على الطواشي عنبر السحرتي باستقراره مقدم المماليك السلطانية كما كان أولاً في دولة الملك الصالح عوضاً عن محسن الشهابي. وخلع على مختص الرسولي باستقراره زمام دار وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه ثم أنعم السلطان بإقطاع الأمير أرغون العلائي على الأمير أرغون شاه وأنعم على كل من أصلم وأرقطاي بزيادة على إقطاعه وأنعم على ابن تنكز بإمرة طبلخاناه وعلى أخيه الصغير بإمرة عشرة. ثم في يوم الإثنين خامس عشر جمادى الآخرة أمر السلطان ثمانية عشر أميراً ونزلوا إلى قبة المنصورية ولبسوا الخلع وشقوا القاهرة حتى طلعوا إلى القلعة فكان لهم بالقاهرة يوم مشهود. ثم في يوم الخميس ثالث شهر رجب خلع السلطان على الأمير أرقطاي باستقراره نائب السلطنة بديار مصر بآتفاق الأمراء على ذلك بعد ما آمتنع من ذلك تمنعاً زائداً حتى قام الحجازي بنفسه وأخذ السيف وأخذ أرغون شاه الخلعة ودارت الأمراء حوله وألبسوه الخلعة على كره منه فخرج في موكب عظيم حتى جلس في شباك دار النيابة وحكم بين الناس وأنعم السلطان عليه بزيادة على إقطاعه ناحيتي المطرية والخصوص لأجل سماط النيابة. ثم ركب السلطان بعد ذلك ونزل إلى سرياقوس على العادة كل سنة وخلع على الأمير تمربغا العقيلي باستقراره في نيابة الكرك عوضاً عن الأمير قبلاي. ثم عاد السلطان إلى القلعة. وبعد عوده في أول شهر رمضان مرض السلطان عدة أيام. ثم في يوم الإثنين خامس عشرين شهر رمضان خرج الأمير أرغون شاه الأستادار على البريد إلى نيابة صفد. وسبب ذلك تكبره على السلطان، وتعاظمه عليه وتحكمه في الدولة ومعارضته السلطان فيما يرسم به وفحشه في مخاطبة السلطان والأمراء حتى كرهته النفوس وعزم السلطان على مسكه فتلطف به النائب أرقطاي حتى تركه وخلع عليه بآستقراره في نيابة صفد وأخرجه وقته خشية من فتنة يثيرها فإنه كان قد آتفق مع عدة من المماليك على المخامرة وأنعم السلطان بإقطاعه على الأمير ملكتمر الحجازي وأعطي ناحية بوتيج زيادة عليه. ثم في يوم الأحد أول شوال تزوج السلطان ببنت الأمير تنكز زوجة أخيه الكامل. وفي آخر شوال طلبت اتفاق العوادة إلى القلعة فطلعت بجواريها مع الخدم وتزوجها السلطان خفية وعقد له عليها شهاب الدين أحمد بن يحيى الجوجري شاهد الخزانة. نصح الأمراء زين الدين حاجى بان يخرج من القلعة ويبتعد عن النساء الثلاثة اتفاق وسلمى والكركية وينتبه لشئون المملكة وخوفوه من عاقبة اهماله شئون الدولة فوافق على مضض وراح يبحث على شيء يشغله عن فراق النساء فقرر انه يربى الحمام وصنع حظيرة فوق سطح الدهيشه وملئها بالحمام.