كتبت: سميره محمود منير..
في الحلقة الرابعة من حلقات كامب شيزار السهرانه
اعزائي القراء، في ضوء ما تم عرضه في الحلقات السابقة من حكايات عن تلك المنطقة، عن اهلها وعن سلوكياتهم ونمط حياة البعض منهم ؛ يأتي سؤال وهو كيف يمكن للمرء ان يترعرع وسط هذه المنطقة؟ تلك المنطقة السهرانة باهلها الطيبون، متعددي الجنسيات وبالتالي تختلف طباعهم واذواقهم ….
لننتقل لإجابة هذا السؤال، فمن رأيي لا يوجد مجال لفضول اجابته ونتوصل لها من خلال الطفل صاحب الحكايات.
ذلك الطفل الذي اصبح عمره في حلقتنا الرابعة يتراوح ما بين السابعة والثامنة، فيعيش اوقات سعيدة برؤيته لوجوه كبار السن اصحاب المحال حول منزله بين الخردواتي وبائع دودة القز والألغاز وصانع الموبيليا وبائع البيض والجرجير فكم يجد بها من حكمة، وهدوء ونظرات حب وهو الأمر الذي يجعله سعيداً.
نشأ وسط العديد من الحرف حوله التي مثل اصحابها اساسا في تكوين نشأة الطفل ولكن ما السبب في ذلك ؟!
دامت سعادته بنداء احد اصحاب تلك المحال ليطلب منه المساعدة او ليذهب ويأتي له ببعض ارغفة العيش من الفرن ؛ فيجري فرحا حتى ينفذ هذا الطلب فقد اصبح الان صبي يعتمد عليه من قبلهم فيذهب ليأتي لهم بما يريدون .
ومن خلال تلك المساعدة البسيطة او بمشاركته في ترتيب احد الفاترينات بالمحل والذي جعله يتقن موهبة في الترتيب والنظرة الجمالية لشكل الاشياء؛ فكان بهذا يقضي اغلب وقته معهم بعد ان يستئذن من والدته؛ فيتعلم عن الدنيا من نظرتهم للحياه وكم يختلف ذلك من صاحب محل لآخر وكم من المواقف التي يمروا بها على مدار اليوم ويكاد يكون الطفل قد عاش اغلبها .
كان الطفل بين ان يسعد بوجوده في المحل مع عم (ع) وعم (أ) و و و
وكأن تنشأته اجتمعت على ايدي رجال منهم من تعلم من الحياه ومنهم من تعلم من الكتب فجمع هذا الطفل في تربيته على خبرات هؤلاء الأشخاص.
وعلى الرغم من كل هذا الا ان الطفل انجذب الى عم (ع). وهو رجل صعيدي يرتدي جلباب واسع ، دائما ما داعب الطفل بقوله: ” الساعة كام ؟” ويوشك ان يرد عليه الطفل ذاكرا الساعة الا ان عم (ع) يسبقه بالنظر للسماء ويمسك بإصبعيه السبابة والابهام ويضغط على جبينه ويقول للطفل وقت الساعة بظبط.
ويندهش الطفل كيف عرف الساعة بمجرد النظر للسماء ! ويسأله :” عرفت ازاي يا عم (ع)؟”
فيضحك الرجل دون اجابة تاركا كل هذا التعجب في ذهن الطفل كيف له ان يقوم بذلك !!!
كما كان اغلب الوقت الذي يمضيه مع عم (ع) بمحله يسمعون فيه القرآن فكانت تلك احد الطقوس التي اجتمع عليها اصحاب المحال بهذه المنطقه دون ان يتفقوا عليها بالرأي مسبقا ولكنهم اجتمعوا على ذلك بالفعل وممارسة تلك العادة بفطرتهم الطيبة وكان ذلك منذ الصباح حتى وقت العصر، ثم ينتقلوا لاذاعة الشرق الاوسط وبعض المحطات التي تذيع الاخبار وبعضها يذيع الاغاني كنوع من الترفيه وقضاء الوقت.
فكان جهاز الراديو بكل محل شئ اساسي اخذ حيز من حياة اصحاب المحال كما اعتاد عليه سكان المنطقة وكان ذلك نتيجة لمراعاة اصحاب المحال للناس حولهم فيخفضون صوت الاذاعات اذا لزم الامر فلا يتسببوا بازعاج لبعضهم البعض بل يراعون بعضا وخاصة في وقت القيلولة من بعد الثالثة عصرا بعد الغذاء فيبدأ الهدوء يخيم على المنطقة ؛ وكانت تلك عادة اخرى اجتمعوا عليها دون سابق اتفاق، غير انهم اكتسبوا فكرة القيلولة من الاجانب الذين عاصروهم .
وهنا تنتهي اجابة السؤال فالنشأة في تلك المنطقة ما هي الا اجتماع الكثير من الاحداث والصفات التي يكتسبها المرء من قضاء وقته مع اشخاص لديهم من الحب الكافي بقلوبهم لينشروه في كل مكان من حولهم.
كما كان الطفل يسعد بأنه يذهب للشاطئ القريب من منزله؛ ليمارس هواية اخرى يقضي فيها ساعات وساعات منذ بدأ النهار حتى المغرب .
فماذا كان يفعل في كل هذا الوقت !
لقد كان يصطاد بطريقه مختلفه الكابوريا من الصخور المنتشرة على الشاطئ؛ بالاضافة الى السمك الصغير جدا بطريقة بسيطه هو من اخترعها لنفسه فيسعل عليه الوصول للسمك بوضع برطمان في المياه الهادئة ليدخله السمك الصغير .
وماذا بعد ؟ كم من هوايات لهذا الطفل !
ومن يدري هل هناك المزيد ام انه سيظل مُحبا للعب وحده ؟
وتتوالى القصص بين تحصيل الدراسة والاستمتاع بالأجازة الصيفية بالاصافة الى احترام اخلاقيات المجتمع والحفاظ على العادات المكتسبة
وفي قصص اخرى حول كامب شيزار.












