كتبت / زهو عبدالحميد
“لئن كَسَرَ المدفع سيفي فلن يكسر الباطل حقي.” هكذا كان عمر المختار أسدًا في وجهِ غُزاة بلاده. الشيخ المجاهد عمر المختار الذي قال عنه العدو شهادة نقف امامها في إجلال” حينما شاهدته شاهدت آلاف المرابطين ” هو موضوع مقالنا اليوم
نسبهُ:
هو.. عُمر بن المختار بن عُمر المنفي الهلالي ‘من بيت فرحات’.
وينتسب إلي إحدى القبائل الكبيرة المرابطين ببرقة وهي قبيلة ” المنفة”.
أمهُ :
عائشة بنت محارب.
نشأتهُ :
ولد في قرية جنزور بمنطقة دفنة “وتقع دفنة في المنطة الشرقية من برقة، وتقع برقة شرق ليبيا”.
وولد عام ” 1862”.
عاش يتيماً؛ لأن لم يدم والدهُ في الحياة طويلة بعد ولادتهُ فتوفى وهو في طريقهُ إلى مكة المكرمة بصحبة زوجتهُ.
_تولى تربيتهُ وتربية أخيه بعد وفاة والدهُ “شقيق والدهُ ‘ الشيخ حسين ‘.
نبذه عن تعليمهُ في الصغر :
بعد أن تولى الشيخ حسين تربيتهُ، أدخلهُ مدرسة القرآن الكريم، وإنضم إلى معهد الجغبوبي وأصبح من طلبة العلم.
ظل في المعهد ثمان سنوات يتعلم الفقة، والتفسير، والحديث.
وكان حريصاً على طلب العلم، فأصبح على إلمام واسع بالعلوم الدينية والدينوية والبيئية أيضاً.
_كان شديد الذكاء فجعل شيوخهُ يهتمون بهِ، وشهدوا لهُ بالنباهه ورجاحة العقل، وكان مُحباً للدعوة.
ألقابهُ :
لُقب ب”’أسد الصحراء،.. وشيخ الشهداء،.. وشيخ المجاهدين”’.
تعينهُ شيخاً لبلدة :
أُعجب المهدي السنوسي ” كان ثاني زعيماء السنوسية ” بعمر المختار بعد أن إصطحبهُ في رحلة في غرب السودان.
_ وذُكرَ حين كانو في طريقهم إلي السودان، وكانت تُعبر قافلة في الصحراء قال أحد المرافقين في القافلة إنهُ يوجد أسد مفترس قريب فأعطى هذا الرجل رأيهُ.. بتقديم إحدى الإبل لإتقاء شرهُ.
فرفض عُمر المختار وقال: (( إن الإتاوات التي كان يفرضها القوي منا علي الضعيف قد أبطلت، فكيف يصح أن نُعيدها لحيوان؟ والله إنها علامة ذُل، وهوان، والله إن خرج علينا لندفعهُ بسلاحنا)).
فخرج الأسد فعلا فذهب إليه، وقتلهُ وسلخ جلدهُ، وعلقهُ لتراهُ القبائل.
_فظل عُمر المختار في السودان سنوات طويلة نائب عن” المهدي”.
حتى قال فيه المهدي السنوسي : ” لو كان عندنا عشرة مثلُ عُمر المختار لاكتفينا بهم ”.
_وفي عام 1897 عينهُ ‘المهدي’ شيخ لبلدة تسمى ب”زاوية القصور”، في منطقة الجبل الأخضر، وكان عُمر المختار أَحسن أدائهُ في هذا المنصب.
الإحتلال الفرنسي في تشاد :
في عام 1900 قام الفرنسيون بالعداء للحركة السنوسية، وأخذو في حربها.
فجهزت الحركة السنوسية جيش ضد الفرنسيين، وقد أُخْتِير عمر المختار من ضمن الأشخاص الذين يقدون كتائب الحركة.
_وفي عام 1902 توفى محمد المهدي السنوسي، فُعين عُمر المختار للمرة الثانية شيخاً لبلدة ” زاوية القصور”، وأدارها على أكمل وجهه.
وبسبب الاستقرار والآمن الذي جلبهُ على البلدة وعظم إدارتهِ قام العثمايون بتهنِئَتَهُ.
(ظل عُمر المختار شيخ على البلدة لمدة ثمان سنوات وفي هذه الفترة شارك في قتال جيوش الإنتداب البريطاني).
مشاركتهُ في القتال ضد إيطاليا :
أعلنت إيطاليا في عام 1911 الحرب على الدولة العثمانية، وقامت بإعداد جيوشها وإنزالها في مدينة بنغازي.
_وفي ذلك الوقت كان عُمر المختار في قلب الصحراء في زيارة لسنوسين وفي أثناء رُجوعهُ علم بخبر إنزال الإيطالين.
فعاد إلى ” زاوية القصور ” لتجنيد أهلها وجمع معهُ 1000 مقاتل، فقام بعدها بتأسيس معسكر في منطقة “الخروبة” وبعدها إنتقل إلى الرجمة، ثم إلتحق هو والمقاتلين معهُ بالجيش العثماني، ثم إلي بلدة فى جنوب بني غازي، فأخذو المعسكر قاعدة لهم يخرجون منهُ ويغيرون على القوات الإيطالية.
_كانت أعظم معركة فى تاريخ الجهاد الليبي معركة ” يوم الجمعة ” عند درنة عام 1913 ودامت لمده يومين وإنتهت بمقتل عشرة ظباط إيطالي، وستين جندياً وربعمائة فرد، بين جريح ومفقود، ثم إنسحب الإيطالين تاركين أسلحتهم وذخائرهم.
_وقامت أيضاً في نفس العام ” بمعركة بو شمال” وعشرات المعارك الأخرى.
عامي 1913 إلي 1915 :
في هذه الفترة حدثت إنتكاسة للمقاومة الليبية حتي وقعت في أيدي الإيطالين، بسبب القحط الذي أصابهم في هذه الفترة! وإستغلت إيطاليا هذه الإنتكاسة، وقامت بالإستيلاء على أغلب المناطق في وسط وشمال برقة.
_وكان عُمر المختار في هذه الفترة مع ” أحمد الشريف السنوسي” في الإغارة على بريطانيا في مصر.
ولكن عاء إلي ليبيا لمساعدة ” إدريس السنوسي” في حربهُ ضد إيطاليا.
هجرة محمد إدريس :
بعد أن سقط عاصمة طرابلس في أيدي الإطاليين، إضطر محمد إدريس للهجرة إلي مصر، فأصبح ” عمر المختار ” هو قائد للمقاتليين فىي برقة، فبعدها فتح باب للتطوع في الجهاد، فإنظم إليه مجاهدين من قبائل مختلفة، وإتبع في أسلوبهُ بحرب العصابات، فكان لم يزد معه أكثر من 1000 رجل، فكان دائماً يستكفي ب100إلى 300 رجل مسلحين حتى لا يفقد المجاهدين مره واحدة.
ضربات عُمر المختار الغير متوقعة :
كان عُمر المختار يقود رجالهُ في حملات سريعه، لضرب الكتائب الإيطالية، فكانو يضربوهم ضربات مؤلمة ثم يفرون إلى الصحراء.
وكانو يقمون أيضاً بقطع الإمدادات على الجيش الإيطالي، حتي ذُهِيلو الإيطاليين من تدبير صنيعهم.
” كانت جميع معارك عُمر المختار تعتمد على الكر والفر وكانت حروبهُ بسيطة، ولكن كان من الشجعان، وأصبح معروف بين القادة ”.
مفاوضات للسلام :
كان الإيطاليين يريدون وقت لإعادة النظر في خططها، وتغيير القيادة العسكرية، فقاموا بتظاهر أنهم يريدون السلام، وقامو بتفاوض مع عُمر المختار، فستجاب لهم المختار لتفاوض على السلام لكي يخرجون من الدمار الذي جُلب عليهم.
_وجد عُمر المختار أن هذه المفاوضات كانت بلا جدوه، وعلم بغدر الإيطالين؛ لأن وجد كل المفاوضات تُطلب منهُ، إما المغادرة من البلاد أو البقاء، والتخلي عن الجهاد مقابل الأموال، فرفض كل هذه الشروط، ولكن بعد فوات الأوان، فقد حققو الإطاليون غرضهم، في المماطله وكسب الوقت؛ لكي يعدو خططهم مرة آخرى.
لم يستسلم عمر المختار بعد ما علم بغدر الإطاليين، فخطب في المجاهدين، وأبناء شعبهُ، بعدها لم ينتظرو لإنقضاء الهدنة فقبل انتهائها بثلاثة أسابيع، هاجمت مجموعة من المجاهدين على دورية من الضباط وقتلتهم، ” ولكن أكد عُمر المختار أنهُ لم يأمر بذلك وأنهُ حريص على وعده”.
_ فأثار هذا غضب الإيطاليين وقامو بإرسال 4 طائرات لقصف بيوت المجاهدين، واتهمت عمر المختار بالخيانه.
إستطاع المجاهدين إسقاط إحدى الطائرات وأسرها.
قرارات غراتسياني :
بعد أن وجدو أن عمر المختار لن يستسلم، حتي بعد المفاوضات، قام غراتسياني ب أخذ القرارات الصارمة والتي أعاقت حركة المجاهدين وعمر المختار.. وهي
_ أخذ بعض المشايخ وإلقائهم في سجون إيطاليا.
_ فتح أبواب السجون في كل حي وإيقامة لهم المشانق وإعدامهم.
_إنشاء المحكمة الطارئة ” وكانت هذه المحكمة من أسوء وأبشع المحاكم التي أُنشأت ” فكانت تحكم على الأهالي بالإعدام وسلب أملاكهم.
_وأمر بإحراق المحاصيل الزراعية وإحراق بيوتهم وحتي لم تسلم الحيوانات منهُ.
_أحاط الصحراء بأسلاك شائكة لحصار المجاهدين في الجبل الأخضر وإحتلال الكفرة.
_ وأصدر قرار بإعدام كل من يتصل بالثوار.
فكان أي شخص من الأهالي يقمون بمساعدتهم بإصال مؤن لهم كان يقوم بإعدامهُ على الفور، سواء كان رجل أو أنثى.
فأمر المختار رجالهُ، بالتجنب التعرض للسكان خوفاً عليهم من الإيطاليين.
وقوع عُمر المختار في أيدي الإيطالين :
تمكن الإيطاليين عام 1930 من الإشتراك مع المجاهدين في معركة كبيرة، وفي أثناء المعركة سقطت نظارة عمر المختار، فعثر عليها الإيطاليين عقب إنتهاء المعركة، فثبت لهم أنه ما زال على قيد الحياة.
فقال غراتسياني : ” لقد أخذنا اليوم نظارة المختار وغداً نأتي برأسهُ”.
وفي 11سبتمبر عام 1931 فوجئ عُمر المختار بقوات ضخمة تحاصرهُ هو وعدد من رفاقه، وكان عددهم لا يتجاوز الخمسين شخص، ودارت بينهم معركة إستشهد فيها معظم المجاهدين، وسقط المختار أسير في أيدي الإيطاليين.
أُخذ المختار إلي السجن وقامت لهُ محكمة، وكان صريح في جوابه على أسئلة المحققين.
فكان جوابهُ :(( نعم قاتلت ضد الحكومة الإيطالية، لم أستسلم قط.. لم يخطر في بالي فكرة الهروب عبر الحدود قط.. إشتركت في معارك كثيرة لا أستطيع تحديدها… كانت الغارات تنفذ بأمري وبعضها قمت به بنفسي… أعترف بأنه قُبض عليا والسلاح في يدي)).
فقررت المحكمة الإيطالية إعدامهُ شنقاً وعمرهُ تجاوز 73 عام.
نفذ حكم الإعدام في صباح يوم الأربعاء في مدينة بني غازي بعد جهاد قرابة 22 عاماً ضد الإحتلال.
_وبسبب إعدامهُ قامت المظاهرات والمسيرات الإحتجاجية في كل الدول العربية، وأُقيمت المأتم لهُ في مختلف أنحاء البلاد وصلو عليه صلاة غائب، وكانت لهُ شعبية عارمة وكتب عنهُ في الصحف، ورثاه خليل مطران، وأحمد شوقي.. وغيرهم.