بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف..
باب المرض وما يتعلَّق به باب واسع جدًّا، لكنِّي أتناول فقط الآداب المتعلِّقة بعيادة المريض، والمتعلِّقة بالمريض نفسه، فهذا هو المقصود من كتابة هذا المقال ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
ومن فوائد المرض :
1 – المرض إرادة خير للمؤمن:
ففي “صحيح البخاري” عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن يُرِد الله به خيرًا، يُصِبْ منه).
2 – تكفير الذُّنوب:
عن أبي هريرة وأبي سعيدٍ الخُدْري – رضي الله عنهما – عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ما يُصيب المسلمَ مِن نصَبٍ، ولا وصَب، ولا هم، ولا حَزن، ولا أذًى، ولا غم، حتَّى الشوكة يُشاكها، إلاَّ كفَّر الله بها مِن خَطاياه).
ومعنى “النَّصَب”: التَّعب، و”الوصَب”: المرض، وقيل: هو المرض اللازم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما يزال البلاءُ بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتَّى يلقى الله وما عليه خطيئة).
3 – رَفْع الدرجات:
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ما من مسلمٍ يُشاك شوكةً فما فوقها، إلاَّ كتَب الله له بها درجة، ومُحِيَت عنه بها خطيئة).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ الرجل ليَكون له عند الله المنْزِلة فما يَبْلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يَكْره حتَّى يُبلِّغه إياها)..
وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ العبد إذا سبقَتْ له من الله منْزِلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صَبَّره على ذلك؛ حتَّى يُبلِّغه المنْزلة التي سبقَتْ له من الله تعالى).
4 – استخراج عبوديَّة الضرَّاء:
ومعنى ذلك: أنَّ لله عبوديَّةً على العبد في الضرَّاء، كما له عليه عبوديَّة في السرَّاء، ولا يمكن للعبد أن يحقِّق عبودية الضرَّاء إلا إذا كان به نوعٌ من أنواعه، وعلى هذا؛ فبالمرض تتحقَّق هذه العبودية من الصبر والرِّضا والتسليم، وغير ذلك.
وعن صُهَيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه له خير؛ إنْ أصابه سرَّاء شكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابه ضرَّاء صبر، فكان خيرًا له، وليس هذا لأحدٍ إلاَّ للمؤمن)..
5 – اليقظة من الغفلة:
فالمرض يوقِظُ صاحبه من غفلته التي يعيش فيها، حتَّى إن العبد يشهد مع المرض عَدْلَ الله – عزَّ وجلَّ – كما ثبت في الحديث عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما أصاب عبدًا همٌّ ولا حزن، فقال: اللَّهم إنِّي عبدُك، ابنُ عبدِك، ابنُ أمَتِك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنْزلتَه في كتابك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندَك، أن تجعل القرآن ربيعَ قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب هَمِّي، إلاَّ أذهب الله عنه حزنَه، وأبدله مكانه فرَحًا).
قال ابن تيميَّة رحمه الله: “مصيبةٌ تُقْبِل بها على الله، خيرٌ لك من نعمة تنسيك ذِكْر الله”.
6 – تطهير القلب والرُّوح:
قال ابن القيِّم رحمه الله: “انتفاع القلب والرُّوح بالآلام والأمراض أمرٌ لا يحسُّ به إلاَّ مَن فيه حياة، فصحَّة القلوب والأرواح موقوفةٌ على الآمِ الأبدان ومشاقِّها”.
وقال أيضًا: “لولا مِحَنُ الدنيا ومصائبُها، لأصاب العبد من أدواء الكِبْر والعُجْب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سببُ هلاكه عاجلاً وآجلاً، فمِن رحمة أرحم الرَّاحمين أن يتفقَّدَه في بعض الأحيان بأنواعٍ من أدوية المصائب تكون حاميةً له من هذه الأدواء، وحفظًا لصحَّة عبوديته، واستفراغًا للموادِّ الفاسدة الرديئة المهلِكة منه، فسبحان مَن يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه! كما قيل:
قَدْ يُنْعِمُ اللهُ بِالبَلْوَى وَإِنْ عَظُمَتْ
وَيَبْتَلِي اللهُ بَعْضَ القَوْمِ بِالنِّعَمِ
فلولا أنَّه سبحانه يُداوي عبادَه بأدوية المِحَن والابتلاء، لطَغَوْا وبغَوا وعتوا، والله سبحانه إذا أراد بعبدٍ خيرًا، سَقاه دواءً من الابتلاء والامتحان على قدر حاله، يستفرغ به من الأدواء المهلكة، حتى إذا هذَّبه ونقَّاه وصفاه، أهَّله لأشرَفِ مراتب الدُّنيا، وهي: عبوديته، وأرفع ثواب الآخرة، وهو: رؤيته وقربه”.
وبعدُ – أخي الحبيب – هذه بعضُ فوائد المرض إذا ابتُلِي به الإنسان، ومع ذلك فلا يتمنَّاه المرء، بل يَسأل الله العافية، وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم في دعائه: ((اللهم إنِّي أسألك العفوَ والعافية في ديني ودُنياي، وأهلي ومالي).
، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((سَلُوا الله العفْوَ والعافية؛ فإنَّ أحدًا لَم يُعطَ بعدَ اليقين خيرًا من العافية).، لكنِّي ذكرتُ هذه المعاني؛ لتكون عونًا لنا على الصَّبْر إذا ابتلي بذلك أحدنا.
ثواب المـرض وفضله عند الله

ما هو رد فعلك؟
حب0
حزين0
سعيدة0
غاضب0
غمزة0