لغة الحماية والأمان: درس من سيدنا موسى إلى حياتنا اليومية
بقلم/ فاطمة العامرية..
في عالم اليوم، حيث تتسارع الأحداث وتزداد الضغوطات، يبقى الأمان والحماية شعورًا لا يقدر بثمن، ليس فقط للأطفال أو الضعفاء، بل لكل إنسان يبحث عن طمأنينة في بيته أو في محيطه. والقرآن الكريم مليء بالقصص التي تعلمنا كيف نصنع الأمان ونعبر عن الحماية الحقيقية. ومن أروع هذه القصص قصة سيدنا موسى عليه السلام مع البنتين عند البئر.
المشهد القرآني: المساعدة بحكمة واحترام
عندما وصل سيدنا موسى إلى مدين، كان متعبًا وهاربًا من قومه، رأى البنتين واقفتين عند البئر تنتظران دورهما لسقي الغنم، بينما لم تستطع أي منهما الدخول وسط الرجال. اقترب موسى وسأل:
وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ
“ما خطبكما؟”
بكل حياء، أجابتا:
“لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير.”
بدون تردد، قام موسى بسقي عنهما، بكل احترام وبدون انتظار مقابل أو استعراض. هذه اللحظة البسيطة تعكس معنى لغة الحماية والأمان: احترام المساحة، تقديم الدعم عند الحاجة، وفعل الخير بلا شروط.
دور الرجل في الحماية
تتضح من القصة القيم الأساسية لدور الرجل في خلق بيئة آمنة:
- الاحترام أولاً: موسى سأل قبل أن يتدخل، احترام المساحة والخصوصية أساس أي حماية.
- المساعدة بلا مقابل: قدم موسى الدعم دون أن يطالب بالشكر أو المقابل، وهذا يعكس نبل الروح وصدق النية.
- خلق الاطمئنان: بمجرد أن ساعدهما، اختفت المخاوف، وأصبح الأب مطمئنًا على بناته، والفتاتان شعرتا بالأمان.
ربط الدرس بالحياة المعاصرة
الرجولة الحقيقية اليوم ليست في الصوت العالي أو السيطرة، بل في الموقف الذي يمنح الأمان. وفي الحياة الزوجية، نجد هذا الدرس واضحًا في أمثلة مثل سيدنا محمد ﷺ مع السيدة خديجة: الخوف البشري يتحول إلى طمأنينة بفضل الشريك الصادق. والرجل في العصر الحديث مدعو لأن يكون سندًا يحمي بيته ومحيطه، بينما المرأة تشارك في خلق أجواء من الاحتواء والدعم.
الخلاصة
القصص القرآنية، سواء من حياة موسى عليه السلام أو من حياة النبي ﷺ، تعلمنا أن لغة الأمان والحماية هي عمل وسلوك قبل أن تكون كلمات. الرجل الذي يحمي والمرأة التي تحتوي يشكلان معًا أساس أي مجتمع قوي ومستقر.
في زمننا الحالي، يحتاج كل بيت، وكل علاقة، إلى هذه القيم: الأمان، الاحترام، المساعدة المتبادلة، والاحتواء الصادق.













اترك رد
View Comments