«مدير لا يُدير بالأوامر».. داخل مدرسة حكومية تُدار بعقل الجماعة لا الفرد

«مدير لا يُدير بالأوامر».. داخل مدرسة حكومية تُدار بعقل الجماعة لا الفرد
«مدير لا يُدير بالأوامر».. داخل مدرسة حكومية تُدار بعقل الجماعة لا الفرد

«مدير لا يُدير بالأوامر».. داخل مدرسة حكومية تُدار بعقل الجماعة لا الفرد

تحقيق خاص ” انفراد “.. لجريدة نسر العروبة

تحقيق صحفي: فاطمة العامرية

هل يمكن لمدرسة حكومية أن تُدار بعقلية مجلس لا بعقلية فرد؟

مقدمة التحقيق

في وقتٍ تتعقد فيه الإدارة المدرسية بين لوائح صارمة، وضغوط يومية، وأسئلة متكررة حول مستقبل التعليم، تظهر تجارب مختلفة تحاول كسر النمط التقليدي للإدارة. تجارب لا تعتمد على القرار الفردي، ولا ترى في المدير «صاحب الأمر والنهي»، بل قائدًا لفريق، ومسؤولًا عن منظومة كاملة، قوامها المشاركة والانضباط والبعد الإنساني.

من داخل إحدى المدارس الحكومية، تبدأ الحكاية بفكرة غير مألوفة: إدارة لا تقوم على شخص، بل على مجلس. تجربة فرضت نفسها على الساحة التعليمية، ودفعتنا للاقتراب أكثر، وفتح حوار صريح مع صاحبها، للكشف عن الرؤية، التحديات، والكواليس التي لا تُروى كثيرًا.

في هذا التحقيق، نلتقي الأستاذ سامي عبد العظيم حسن دويدار، مدير مدرسة المهندس دويدار تعليم أساسي، في حوار يتجاوز الأسئلة التقليدية، ليضعنا أمام تجربة إدارية مختلفة تستحق التوقف.

من هو مدير التجربة؟

يبدأ الأستاذ سامي حديثه بالتعريف بنفسه، قائلًا:

«سامي عبد العظيم حسن دويدار، خريج المعلمين عام 1991، تم تعييني معلمًا في 6 نوفمبر 1991. عملت بعدد من المدارس، منها مدرسة العبور بميدوم، ثم النور، ثم مدرسة المهندس دويدار حتى عام 2021، قبل أن أتولى إدارة مدرسة ميدوم الابتدائية بنين، ثم مدرسة دكتور حازم قرني، وحاليًا مدير مدرسة المهندس دويدار تعليم أساسي منذ ديسمبر 2021 وحتى الآن».

مسيرة طويلة داخل الفصول قبل المكاتب، صنعت رؤية مختلفة للإدارة.


التحدي الأصعب: كسر عقلية الفرد

عن أول وأصعب التحديات، يؤكد مدير المدرسة أن الصعوبة لم تكن في نقص الإمكانيات فقط، بل في تغيير الفكر:

«الصعوبات كثيرة، لكن أصعب ما واجهني هو تطبيق فكري في إدارة المدرسة، فالإدارة لا يجب أن تعتمد على شخص واحد، بل على مجالس إدارة لكل موقع، تتحمل المسؤولية وتشارك في اتخاذ القرار».

فكرة بدت صعبة في البداية، لكنها كانت حجر الأساس للتجربة.


رؤية التطوير.. من الشكل إلى الجوهر

لم تكن الرؤية مجرد شعارات، بل خطة طويلة المدى:

«بدأت بتحديد دور كل فرد داخل المدرسة، وتكوين مجلس إدارة، ووضع خطة طويلة الأمد، تبدأ من شكل المدرسة وتنتهي بالأهداف التعليمية والتربوية. وبفضل الله، تم إنجاز جزء كبير مما خُطط له».


هل الإدارة المدرسية أصبحت أكثر تعقيدًا؟

يجيب الأستاذ سامي بحسم:

«بلا شك، الإدارة المدرسية اليوم ليست منصبًا سهلًا. أنت مطالب بمواكبة التطور، والالتزام بكل ما يُسند إليك، وقبل كل شيء أنت مسؤول عن كل من داخل المدرسة، والطالب أمانة في التربية والتعليم».


بين اللوائح والإنسان

عن الموازنة بين الانضباط والجانب الإنساني، يقول:

«الالتزام بالشكل والسلوكيات الصحيحة هدف أساسي، لكننا نصطدم أحيانًا بحالات إنسانية لا يمكن تجاهلها. نحاول قدر الإمكان الجمع بين الحزم والرحمة دون الإخلال بالنظام».


المشكلات التعليمية وضعاف المستوى

يرى مدير المدرسة أن كثيرًا من المشكلات تم احتواؤها:

«بعد تطوير المناهج، وتوفير الكتب، وتقليل الكثافة، أصبح من حقنا القول إن جزءًا كبيرًا من المشكلات تم حله. أما الطلاب ضعاف المستوى، فنعالج الأمر بالمجموعات العلاجية والحصص المخصصة لهم».


المعلم.. ضلع النجاح الأساسي

يؤكد الأستاذ سامي أن المعلم هو الركيزة الأهم:

«المعلم ضلع أساسي في مثلث التعليم. الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا به من حيث تحسين الوضع المادي والاجتماعي، والتدريب المستمر، والتواصل لحل مشكلات المادة من خلال التوجيه الفني».


الأنشطة المدرسية: ترف أم ضرورة؟

يحسم الجدل قائلًا:

«الأنشطة الرياضية والفنية والموسيقية والصحافة المدرسية هي جهاز كشف المواهب، ومتنفس للطلاب، ولا يمكن الاستغناء عنها».


السلوك والانضباط

عن المشكلات السلوكية، خاصة في المرحلة الإعدادية:

«في بداية العام نوضح للطلاب قواعد الانضباط، ونعلمهم أن اللائحة تُطبق بحزم، من استدعاء ولي الأمر وحتى الفصل في حالات التجاوز».


دور أولياء الأمور

يشدد على أهمية الشراكة مع الأسرة:

«دور أولياء الأمور مهم جدًا، وهناك تواصل دائم من خلال التربية الاجتماعية واللقاءات المشتركة، بهدف ربط المدرسة بالمنزل لإنتاج جيل متزن نفسيًا وأخلاقيًا وعلميًا».


أكبر المعوقات

يؤكد أن أخطر التحديات فكرية وسلوكية:

«المرحلة العمرية تجعل بعض الطلاب يقلدون مظاهر سلبية دخيلة من الأفلام أو الإنترنت، وعلينا مواجهتها بتقديم النموذج الجيد للطالب المصري الراقي».


الإمكانيات الحالية

يرى أن المنظومة في تطور مستمر:

«التعليم في تحديث دائم، من سد عجز المعلمين، وتقليل الكثافة، وتوفير الكتب، ودعم الأنشطة والمعلم».


خطة التطوير المقبلة

«نعمل على تنظيم ورش مجانية للطلاب الضعاف، وتشجيع المواهب، وتزويد المدرسة بسبورات تفاعلية بالتعاون مع قسم التطوير».


موقف إنساني لا يُنسى

يروي الأستاذ سامي موقفًا مؤثرًا:

«قبل رحلة مدرسية، جاءتني طالبتان؛ الأولى لا تملك مصروف الرحلة، والثانية والدها رفض بسبب ضيق الحال. حاولت التخفيف عنهما، وقررت رد نصف الاشتراك للأولى، وتسجيل الثانية مجانًا، وتكفلنا بكل مصروفاتهما».


ماذا تعلّم من الإدارة؟

«تعلمت من أساتذتي أن أكون قدوة، وأن يكون عملي هو المعلم الحقيقي، وأن فريق العمل الواحد هو طريق النجاح».


مستقبل التعليم في مصر

يختتم حديثه قائلًا:

«أرى مصر بخير تحت قيادة وطنية، والتعليم يشهد تقدمًا واضحًا، والله الموفق والمستعان».


خاتمة التحقيق

تجربة الأستاذ سامي دويدار لا يمكن التعامل معها باعتبارها حالة فردية عابرة، بل نموذج إداري يفتح الباب لإعادة التفكير في مفهوم القيادة داخل المدارس الحكومية. إدارة لا تعتمد على الأوامر، ولا تُراهن على شخص واحد، بل تؤمن بأن الشراكة، والقدوة، والإنسانية عناصر لا تقل أهمية عن اللوائح والقرارات.

هذا التحقيق لا يقدّم إجابات نهائية، بقدر ما يضع القارئ أمام تجربة واقعية تُثبت أن الإصلاح قد يبدأ بفكرة، وأن المدرسة يمكن أن تكون مساحة أمل لا مجرد مؤسسة تعليمية.

يبقى السؤال مطروحًا للنقاش:

هل تكون الإدارة التشاركية هي طوق النجاة للتعليم؟ أم أن الطريق لا يزال بحاجة إلى تغيير أعمق في الثقافة قبل القوانين؟

مين مستعد للإبداع؟ مدرسة المهندس دويدار تتصدر مسابقات الإدارة وتثبت تفوقها! – للمزيد اتبع الرابط التالي – https://www.nesral3roba.com/?p=140135

تحقيق: فاطمة العامرية

597262816 1394635958916997 8342066945843973855 n

جريدة نسر العروبة

597564658 1397020565266870 4331233102564886617 n

جريدة نسر العروبة

597749101 833037916183918 753549823072450454 n

جريدة نسر العروبة

598009164 791510190562972 7971632396874497387 n

598023152 838387268806699 8786132633025294245 n 1

جريدة نسر العروبة

598051438 869651408868937 2123110154816743689 n

جريدة نسر العروبة

598064400 854943654119920 6393008627990144156 n

جريدة نسر العروبة