موظفة بماسبيرو تغادر مستشفي العزل وتروي قصتها مع المرض

96170139 3147484891974169 6223513976769085440 n

بقلم / أحمد الجندي

بعد 24 يوما من المقاومة العنيفة والشرسة وبفضل الله وكرمه ومنٌه، أفلتت السيدة ناهد سليمان أحد أعضاء التمريض بالإدارة الطبية بالهيئة الوطنية للإعلام من قبضة الفيروس اللعين ، ورجعت لبيتها فجر اليوم وسط فرحة عارمة بالأهل والجيران.

وتروي لنا رحلة الرعب التي أراد الله أن تخوضها بكل إيمان وشجاعة فتقول:


إن طبيعة عملها “ممرضة بالإدارة الطبية بماسبيرو” تحتم عليها الالتزام بالاجراءات الاحترازية خصوصا أثناء أوقات العمل مع المرضي المترددين علي الرعاية الطبية لتقديم الخدمة الطبية للمرضي الذي أجبرتهم الظروف التردد علي الإدارة فترة تخفيف العمالة

الا أن الفيروس سيطر يوم 16 ابريل عندما تأكدت إيجابية التحليل مع ظهور بعض الأعراض البسيطه ، فلم أعود يومها بمفردي بل برفقة عدو لا أعلم أو أتذكر كيف اصطادني.

96170139 3147484891974169 6223513976769085440 n 1

وكانت أصعب لحظه فى عمرى وهم يعزلونى وينزعوا قلبى منى، إبنتى سمر ودموعها تنهمر امامى وحرمت تماما منها ولااقدر ألمسها ولا أودعها غير بالدموع المتبادلة بيننا

96714024 3147485015307490 6060940281975406592 o

ومن هنا بدأت الرحله المؤلمه المرحله الاولى لم أري وجوه بشرية نهائى ، عزل مميت جدران مصفحة فى حجرات حميات العباسية

وحدهم فقط أولئك الذين ابتلاهم الله “بكورونا” يعرفون معنى الأيام التي تمر عليهم وكأن كل دقيقة سنة وهم في قبضة هذا الفيروس.

96010029 3147485121974146 912199763170951168 o

هي مواجهة تحسب بالدقائق والساعات، تعيش الموت وتتذوقه لحظة بلحظة، مع عدو يخبرك أنه جاء ينقذك بالموت.

الرحله الثانيه، تبدأ الساعه 2صباحا حينما أخذوني رجال الإسعاف لمستشفى هليوبوليس والحمدلله ربنا اكرمنى بناس طيبين لهم منى كل الحب والتقدير بدئا من الأطباء والتمريض حتي عمال النظافة والتطهير…

كورونا يا سادة ليس نزهة أو وعكة عابرة، أنه سفاح يزرع صدرك بالغام تتفجر كلما سعلت، وهو سعال لا يكاد ينقطع، فيحيل صدرك إلى أشلاء من دماء تسيل الى فمك.

هو سفاح لا يرحم لانه وبعد أن ينهي تنفيذ سلسلة انفجارات متوالية في صدرك، وفي استغلال بشع لجسدك الذي لا يقوى على تحريك يد واحدة لحمل منديل تجفف به فمك من الدماء، اذا به يعبث بالهواء الذي تتنفسه بصعوبة، فيمارس هوايته اليومية بخنقك بين الحين والآخر إلى أن تكاد تودع الحياة او يغمى عليك.

لم يكتف بكل ذلك، بل وعلاوة على الإرهاق والفتور الشديد الذي يصيب به جسدك، المنهك وارتفاع درجة حرارة الجسم الداخلية، والشعور بالقشعريرة، فإنه يُطبق على راسك إلى درجة تشعر معها انه سينفجر من شدة الألم .

هذا هو “الفيروس” الذي أحال العالم إلى كتلة من الخوف والرعب، فلا تستكثروا أو تستثقلوا البقاء في المنزل
فلو عرفتم حقيقته وسرعة انتقاله لبحثتم عن كهوف تحت الارض بدلا عن المنازل.

ولأني علي علم بالمعلومات الطبية لطبيعة عملي ، كنت أدعوا الله ليلا نهارا بأن لا أصل لمرحلة التنفس الإصناعي…

التنفس الإصطناعي ليس قناع أكسجين تضعه على وجهك وأنت تلعب بهاتفك وتدردش عبر الفيسبوك حتى يمر الوقت.

التنفس الإصطناعي هو أنبوب غليظ يدخل بألم من الفم ويعبر القصبة الهوائية، ليصل إلى مفترق الرئتين والعملية تحتاج تخديرًا كلياً.

المريض بعدها ينام على ظهره “أسبوعين” كاملين دون حركة ويبقى بدون أكل و يتنفس حسب وتيرة معينة تفرضها الآلة التي تضخ الهواء لصدره.

معظم المرضى لا يتحملون الوضع ويجب إعطاؤهم مسكنات قوية ليدخلوا في غيبوبة، رجل قوي في الأربعين من العمر إن دخل للإنعاش سيذوب جسده ويفقد أربعين في المئة من كتلته في عشرين يوم فقط.

والحمد والشكر لله ثم دعوات الجميع أن عفاني تلك المرحلة المميتة

وتستطرد السيدة ناهد ، المرحله الثالثه خرجت من الحجر الصحى بنتيجة إيحابيه وذهبت إلى مستشفي دار أهل مصر وبدأت مرحلة العزل الحقيقى ؛ المسحه يوم ويوم فى غايه الألم وانتظار مميت لاستخراج العسل المر و ترقب وإنتظار مميت ومصير مخيف من النتائج.

11مسحه ثم بفضل الله ودعائكم آخر مسحتين جائت بنتيجة سلبيه…

وكتب الله لها الخروج فجر 10 مايو لتعود لعائلتها بعد غياب دام قرابه شهر مر عليهم جميعا كأنها سنوات الضياع…

ومن أهم المواقف والفتات الإنسانيه لمن رافقوها رحله العذاب والتي وجب عليها الشكر الخاص لكل فريق التمريض والأطباء.

ولكنها تختص الشكر والتقدير للدكتور محمد المصرى والدكتور إسلام القائم علي أخذ المسحات الطبية ، وذلك لتعاطفهم الإنساني خارج مقتضيات واجبهم الطبي ، إذ أنهم أول من زفوا إليها البشري بالخروج ، بل لم يتركوها حتي قاموا بتوصيلها حتي باب منزلها بعد دوام عملهم الرسمي.

كذلك لا تنسي كل الشكر والتقدير لكل من كان عونا لها في تلك التجربة المريرة بداية من الأستاذ الدكتور عصام عزوز رئيس الرعاية الطبية بماسبيرو حتي أصغر عامل نظافة بآخر مستشفي عزل تواجدت بها…

كورونا يا قوم ليست لعبة وصغر سنك لا يعني أنك حتماً ستنجو وحتى وإن كان الأمر لا يعنيك فهو بالتأكيد يعني من تحبهم.

مزيد من الحذر يا قوم قبل أن يقع الفاس على الراس.

شكرا جيش مصر الأبيض