بقلم/ د محمد عطا عمر
هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح
واحد من أهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين, ومن أوائل الذين دخلوا في الإسلام, وأحد العشرة المبشّرين بالجنّة، والذي شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بدراً وأحداً وكل الغزوات، وكان ممّن ثبت مع رسول الله يوم أُحد، وكان يبلي بلاء حسناً، وكان من أحبّ النّاس إلى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ إذ سأله عمرو بن العاص عن أحبّ الناس إليه؛ فقال: (عائشةُ، قيل: مِن الرِّجالِ؟ قال: أبو بكرٍ، قيل: ثمَّ مَن؟ قال: عمَرُ، قيل: ثمَّ مَن؟ قال: أبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ ). شارك أبو عبيدة في كل المواقع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوم أحد دفع ثنيتيه فداء رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم- عندما غارت حلقتان من حلقات المغفر في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يشأ أبو عبيدة أن يخرجهما بيديه خشية إيلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشدّ الأولى بأسنانه فسقطت ثنيته الأولى على الأرض، ثمّ شدّ الحلقة الأخرى من الجهة المقابلة بأسنانه فسقطت الثانية. ومنذ ذلك الحين أصبح به هتماً في وجهه زاده جمالاً وبهائاً, وظل يفتخر به طيلة حياته رضي الله عنه. كما اختاره صلّى الله عليه وسلّم عندما جاءه رجلان من نجران يطلبان منه أميناً، حيث ورد في صحيح البخاري: (وابعثْ معنا رجلاً أميناً، ولا تبعثْ معنا إلّا أميناً، فقال: لأبعثنَّ معكم رجلاً أميناً حقَّ أمينٍ) فرغب كلّ واحد من الصّحابة أن يكون من اختيار الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لينال الشرف العظيم، فقال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: ( قُمْ يا أبا عبيدةِ بنِ الجراحِ، فلمّا قام، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: هذا أمينُ هذهِ الأمّةِ. ( وفى زمن عمر رضي الله عنه كان أبو عبيدة أميراً على الشام فنزل يوماً أمير المؤمنين عمر إلى الشام ودخل بيت أبي عبيدة، فقال ألا تطعمنا يا أبا عبيدة, قال بلى يا أمير المؤمنين ” فأتى إليه ببعض كُسرات من الخبز والقليل من المتاع ” فبكى عمر بن الخطاب وقال: ( لقد غيّرتنا الدنيا كلّنا، إلا أنت يا أبا عبيدة ) . وعندما كان أبو عبيدة جنديّاً في جيش خالد بن الوليد وهم يخوضون المعارك والفتوحات، أرسل عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين كتاباً يعزل فيه خالداً وعيّن أبا عبيدة قائداً للجيش، فقال أبو عبيدة لخالد: (والله إنّي كرهت أن أكسر عليك حربك، وما سلطان الدنيا نريد، ولا للدنيا نعمل، وكلّنا في الله أخوة).. ولحادثة وفاته شيء عظيم, فحينما جاء طاعون عمواس أصيب أهل الشام بالطاعون، فأرسل عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- إلى أبي عبيدة يستعجله بالذهاب إليه، وقد كانت حيلةً أراد منها أمير المؤمنين أن يُبعده عن خطر الطاعون، ففهم أبو عبيدة مقصد أمير المؤمنين فأرسل له معتذراً بأنّه لا يستطيع أن يترك الجند، ودعا من الله أن يكون له نصيب من هذا الطاعون مثله مثل الجنود الذين ماتوا بسبب الطاعون, فطعن فمات وكان عمره حينئذ ثمانية وخمسون سنة. رحم الله أمين الأمة أبا عبيدة بن الجراح وأسكنه فسيح جناته. نعم هكذا كنا,,,!
