بقلم / طارق موسي
المدينة تتحول كمدينة أشباح لا صوت يسمع غير صوت الرياح، كنا نجلس في البيت أحدنا يبتعد عن الآخر مسافة أمتار مع ارتداء الكمامة والكفوف الصحية . أحدنا ينظر في وجه الآخر كنا نطيل النظر ربما نفقد أحدنا ربما لا نراه مستقبلا، فذلك الوحش متربص بنا رغم صغره الذي لا يرى به، الا انه يتجول كيف يشاء في تلك المدينة التي كانت تضج بالناس ونحن نقوم ونقعد على صيحات الأطفال ولعبهم. فجأة كل شي اختفى . كل شي اصبح مهجور . ما اعجزنا نحن البشر الذي كنا نتسابق لتدمير بعضنا لنقول اني افضل منك لدي سلاح فتاك استطيع ان ادمر من أشاء. كل يوم اسمع عن قصص غزو الفضاء . وابي يروي لنا انبهاره بذلك العلم الذي لا يعوقه شي ويحكي لنا قصص إنجازات العلم المتطورة وانه اي العلم قادر على كل شي وفيه الحلول لكل شي . لكنه الان يقف عاجزا امام هذا الكائن الصغير المتجبر. ليس هناك وسيلة إلا واحدة اجتمع العالم عليها وهي التوجه إلى الله، دعوات للصلوات والاستنجاد برب العباد، والدعاء والتوسل به سبحانه وتعالى … كأن الإنسان رجع إلى فطرته . ها هو الباب يطرق ( طرقا خفيف بهدؤ جدا ) الكل تسمر بمكانه لا أحد يملك الشجاعة لفتح الباب لعله هو، ربما يكون هو … لكن لماذا اختارنا نحن من بين الجميع . كانت امي تقول لنا كلنا نموت وهذا مصير الإنسان، لكن ان تموت بهذه الطريقة كأن جزار يمسك بمجموعة من الطيور ويقوم بذبحها بخفة يده امام الجميع …
الطْرق يزداد كأنه يقول : هل من مجيب ؟. تأكد لنا أنه هو لا غيره فالجميع ملتزمون بحظر التجوال في هذه المدينة الميتة .
انعدمت الرحمة بيننا الكبير يريد من الصغير فتح الباب، والصغير لديه أمل بالحياة اكثر من الآخرين. الكل يقول : لماذا انا ؟ وهم لا يعرفون ان إصابة أحدهم يعني إصابة الجميع .
تداركت حواسي واستعدت تفكيري وقلت صاخبا لو كان هو لما طرق الباب !!! انه يدخل من غير استأذان فالعالم كل العالم وما يملك اصبح بيده … لم يجبني احد فلم يصدقوا كلامي . عندها قمت وتناولت قنينة المعقم وكان هذا سلاحنا الوحيد بمواجهته .
كانت خطواتي بطيئة جدا لكنها واثقة . بالكاد وصلت للباب ، الجميع يصرخ لا تفتح الباب ، وهم يحاولون ان يلصقوا أجسامهم اكثر واكثر للوراء على الأريكة… ما ان وضعت يدي على مقبض الباب حتى وقف الطرق . كأنه اطمأن بأن فريسته بطريقها إليه. ما ان فتحت الباب سحبني إليه بقوة . الرحمة الالهية ، الرحمة الإلهية. هكذا كان جارنا يصرخ بأعلى صوته