بقلم د .أحمد يوسف الحلواني
باحث في الشريعة الإسلامية
على كل مَن بدأ في التدين وأمعن فيه دون أن يسأل نفسه مُنذ البداية في الخُطوة الأولى ماذا سيفعل بي الدين؟
ماذا سيُقدِّم لي الدين؟
من أي زاوية سأنظر إلى الدين؟
فأعلم أن الدين كل ما فعله بك أنه خلقك خلقاً جديداً، أعادك إنساناً نبيلاً عظيماً تُشيع المحبة وتُشيع السلام وتُشيع أفكار التسامح واللاحصرية واللاانحصارية وأفكار الاجتهاد وأفكار الإصلاح وتُوقِّر الحياة وتُوقِّر الأحياء وترعى الحرمات والحدود وتُدافِع عن الحقوق بلا قيد أو شرط ويبعثك ويُلهِمك قيم مثل الاتساع والكرم والعدل والمُساواة وكرامة الإنسان وتقدير العلم ومحبة العلم .
اننا في حاجة ان نفهم الإسلام ووسطيته وحكمته التى ارادها لله تبارك وتعالى في عصرٍ وفي وقتٍ اشتجرت فيه الآراء واضطربت فيه المفاهيم واصطدمت فيه وجهات النظر وكلٌ يدّعي وصلاً بليلى؟!
الكل يدّعي ويزعم ويُصِر مُتحمِّساً على أنه هو الذي أصاب فهم صحيح الدين وأن مَن عداه إنما انحرف في قليلٍ أو كثيرٍ عن إصابة ما أصاب، وهذا بعض سر بلية المُسلِمين في يومهم هذا في هذه اللحظة أو في هذا المُنعطَف التاريخي الذي قد يكون من أشد المُنعطَفات التاريخية حراجةً في حياة وفي مسار هذه الأمة المرحومة .
أننا بمُجرَّد تدبر يسير يُمكِن أن نرسم شكلاً جميلاً مُتناسِقاً وغير مُتناشِذ – شكلاً غائياً – للغايات الدينية نعرف من خلاله ونُحدِّد من خلاله جوهر الدين كما أراده الله تبارك وتعالى، الدين إسلام الوجه وإسلام القلب، إسلام الكيان كل الكيان لله تبارك وتعالى.
– قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩ لَا شَرِيك لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّل الْمُسْلِمِينَ ۩
والدين كما وصفه النبى صلى الله عليه عليه وسلم ( بالحنفية السمحة).
ولاشك فيه ان سماحة الاسلام فى وسطيته واعتداله وعدم الغلو في فهم الاسلام والذي ينبغي أن يكون مدار همنا ..
بل ويجب ان يكون فهمنا للدين والتدين كما أنزله الله وكما أراده الله لعباده بأن يكون ديناً مُعتدِلاً وسطاً، ليس فيه مُغالاة، وليس فيه تطرف، دين اليسر ورفع الحرج .
والوسطية: ویعبر عنها أیضـاً بـالتوازن، ویعنـى بهـا التعـادل بـین طـرفین متقـابلین، أو متضـادین بحیـث لا ینفـرد أحـدهما بالتـأثیر، ویطـرد الطـرف المقابـل، وبحیـث لا یأخـذ أحد الطرفین أكثر من حقه، ویطغى على مقابله ویحیف علیه . ویمكـــن تعریـــف الوســـطیة باســـتنباط ذلـــك مـــن نصـــوص الشـــریعة الإســـلامیة وأحكامهـا، فهـي تعنـي: الموقـف المعتـدل بـین طـرفین، فـلا تمیـل إلـى طـرف دون آخـر، وإ نمـا تقـف الموقـف الـذي یقتضـیه المیـزان القسـط، ولا تسـمح بطغیـان طـرف علـى آخـر، فــلا إفــراط ولا تفــریط، ولا غلــو ولا تقصــیر، وإ نمــا هــو القســطاس المســتقیم بــین المادیــة والروحیة والواقعیة والمثالیة والفردیة والجماعیة .
والوسطية والاعتدال تكون بانزال الامور منازلها الطبيعية بحيث لا نُعظِّم ما صغَّر الله ولا نُصغِّر ما عظمه الله، لا نُقدِّم ما أخَّر الله ولا نُؤخِّر ما قدَّم الله .
فبعض الناس قد يتشدد جداً في قضية اللباس وتقصيره وهل فوق الكعبين ام اسفله..
ويرى أن هذا من صميم الدين في الوقت الذي نراه يستسهل غيبة المسلم وعرضه واحيانا البهتان رغم ان هذا من أكبر الكبائر،فهو ذنبٌ مُخيف ومُرعِب كما جاء في القرآن وصحيح السُنة المطهرة